الجمعة، 7 سبتمبر 2012

مظلومية الإمام محمـد بن علي الجواد عليه السلام





الإمام محمـد بن علي الجواد عليه السلام
الأهداف
1- أن يتعرّف إلى مسالة الإمامة المبكرة.
2- أن يستذكر علاقة الإمام بالسلطة (بالمأمون).
3- أن يستعرض الدور الرساليّ للإمام.
4- أن يتبيّن حركة الإمام في المدينة.
5- أن يستذكر شهادة الإمام.

304

بطاقة الهوية
الاسم                                      محمد عليه السلام
اللّقب                                     الجواد
الكنية                                      ابو جعفر
اسم الأب                                 علي بن موسى الرضا
اسم الأمّ                                   سبيكة, وقد سماها الامام الرضا "خيزران"
الولادة                                    15 رمضان 195 هـ على الاشهر
الشهادة                                    6 ذو الحجة 220 هـ
مدّة الإمامة                                17 سنة
مكان الدفن                                العراق/الكاظمية

المظلومية الأولى
لقد حرم المأمون الإمام الجواد عليه السلام، من أن يعيش في ظلّ والده، فقد استشهد الإمام الرضا عليه السلام، وعمر الإمام عليه السلام ما يقارب سبع سنين، فتولّى الإمامة في سن مبكر، الأمر الذي أثار استغراب الناس عموماً، حتّى من شيعة الإمام عليه السلام، ولذلك هيّأ الإمام عليه السلام الأجواء لتولّي الإمام عليه السلام الخلافة، فقد رُوي عن صفوان بن يحيى، أنّه سأل الرضا عليه السلام عن الخليفة بعده، فأشار الإمام إلى ابنه الجواد عليه السلام، وكان في الثالثة من عمره، فقال صفوان:"جُعِلت فداك! هذا ابن ثلاث سنين؟! فقال عليه السلام ‏: "وما يضرّ ذلك؟ لَقَدْ قامَ عيسى‏ عليه السلام بالحُجَّةِ وَهُوَ ابْنُ ثلاثِ سنينَ"1.

إنّ أوّل مظلوميـّة عاشها الإمام الجواد عليه السلام، تمثّلت في حرمانه من أبيه وله من العمر سبع سنين فقط.

وكان الرضا عليه السلام يخاطب ابنه الجواد عليه السلام بالتعظيم، وما كان يذكره إلّا بكنيته، فيقول: "كَتَبَ إليَّ أبو جعفرٍ" و"كْنُتُ أكتبُ إلى أبي جعفرٍ"، كما كان يستشهد على أنّ البلوغ لا قيمة له في موضوع الإمامة، بقوله تعالى في شأن يحيى عليه السلام ‏:
 ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً2.
ولقد أثبت الإمام الجواد عليه السلام سعة علمه وقوّة حجّته وعظمة آياته منذ صغره، فكان الناس في المدينة، يسألونه ويستفتونه وهو ابن تسع سنين.. والمتَتّبع للرّوايات، والأخبار، يجد أنّ الإمام الرضا عليه السلام، عمل على إزالة اللبس والاشتباه، في موضوع إمامة الجواد عليه السلام بالأدّلة والبراهين، ومهّد له بكافّة الطرق والأساليب، كما كان الرضا عليه السلام يأمر أصحابه بالسلام على ابنه بالإمامة، والإذعان بالطاعة، كما في قوله

305

لسنان بن نافع: "يا ابْنَ نافِعٍ، سَلّمْ وَأَذْعِنْ لَهُ بِالطّاعَةِ، فَروحُهُ روحي، وروحي روحُ رِسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم"3.

إستنتاج
سعى الإمام الرضا لنفي استغراب إمامة الجواد وهو صغير السنّ، وذلك من خلال الاحتجاج على ذلك بالدليل كقصّة عيسى بن مريّم، ومن خلال تعامله باحترام وتقدير للإمام، وحثّ الشيعة على طاعته.

الإمام‏ عليه السلام والمأمون‏
كان الإمام الجواد عليه السلام في السادسة من عمره، عندما خرج والده الرضا عليه السلام من المدينة إلى خراسان، وبعد اغتيال المأمون للإمام الرضا عليه السلام، انتقل المأمون إلى بغداد، واستدعى الإمام الجواد عليه السلام إليه، في محاولة منه لاحتوائه والحدّ من نشاطه في المدينة. وفي بغداد، تظاهر المأمون بإكرام الإمام، وبرّه، فأنزله بالقرب من داره، وأسكنه في قصره وعزم على تزويجه من ابنته أمّ الفضل، وذلك لأسباب:

1- ليدفع عنه التهمة بتصفية الرضا عليه السلام،
 التي زعزعت من ولاء أهل خراسان له، وعرّضته لانتفاضاتهم، التي كانت تظهر بين حين وآخر.
2- ليجعله قريباً منه وتحت المراقبة الأمنيـّة، خوفاً وحذراً من تحريك العلويّين ضدّه.

إستنتاج
أنزل المأمون الإمام
 الجواد بقربه، ليراقب تحرّكاته وليحدّ من نشاطه، مستخدماً أسلوب التكريم، لكي يدفع عن نفسه تهمة قتل أبيه.

الدور الرسالي
أ - إثبات المرجعيـّة العلميـّة لأهل البيت عليهم السلام
إنّ الجهود، التي قام بها الأئمّة السابقون، تمثّلت في بناء المرجعيّة العلميّة لأهل البيت عليهم السلام، بين المسلمين، وهذا الأمر، تابعه الإمام الجواد بشكل لافت، وذلك لأنّه وعلى الرّغم، من صغر سنّه، فقد أثبت أنّ لديه علماً يفوق علم كثير من الناس، الذين كانوا يُعدّون في الدرجات الأولى من العلم، يشهد لذلك قصّة الحوار الذي دار بينه وبين قاضي القضاة عند المأمون"يحيى بن أكثم"‏. ففي مجلس حاشد: واجه القاضي يحيى، الإمام‏ عليه السلام بالمسألة التالية:"ما تقول في مُحْرِمٍ قتل صيداً؟" وبكل بساطة واطمئنان أجاب الإمام عليه السلام ‏:"قتله في حِلٍّ أو حرم؟ عالماً كان المحرم أو جاهلاً؟ قتله عمداً أو خطأ؟ حُرّاً كان المحرم أو عبداً؟ صغيراً كان أو كبيراً؟ مبتدئاً بالقتل أو معيداً؟ من ذوات الطير كان الصيد أم غيرها؟ من صغار الصيد أم من كبارها؟ مصرّاً على ما فعل أم نادماً؟ ليلاً كان قتله للصيد أم نهاراً؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحجّ كان محرماً؟ واشرأبّت الأعناق إلى القاضي يحيى، الذي كان أعجز من أن يتابع مسألة الإمام عليه السلام ‏، فبان عليه الارتباك، وظهر فشله وعجزه"4.

306

ب - التمهيد لفكرة المهدويـّة
سعى الأئمّة جميعاً، لتثبيت فكرة المهديّ الموعود، في أذهان أصحابهم. وقد ورد في الروايات عن جميع الأئمّة الوعد بهذا الموعود،"الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً". فقد كانت فكرة الإمامة المبكرة للإمام عليه السلام وسعي الإمام لتثبيت إمامة الصغير في السنّ، من خلال إثباته الكفاءات الخاصّة الربّانيّة والإلهيـّة لديه، خير دليل على إثبات النظريّة الشيعيّة، التي ترى أنّ الإمامة تنصيب إلهيّ وليست اختياراً بشريّاً.

ج - تنظيم عمل الجماعة الصالحة الموالية لأهل البيت عليهم السلام

تابع الإمام الجواد عليه السلام مسيرة آبائه الطاهرين، في بناء الجماعة الصالحة الموالية لأهل البيت عليهم السلام، لمقاومة ممارسات السلطة العباسيّة التي كانت تعمل على: مضايقة الأئمّة عليهم السلام ووضع السلطة العيون عليهم، ورصد كلّ تحرّكاتهم.
فابتدأ الأئمّة ببناء نظام الوكلاء، الذين ينوبون عن الإمام في التصدّي لشؤون الناس بتفويض منه عليه السلام.
كما أكدّ الإمام على حرمة التعامل مع الظالمين، فقد ورد عنه عليه السلام: "من استمعَ إلى ناطق فقدْ عبدَه، فإن كان الناطقُ عن اللهِ فقد عبدَ اللهَ، وإن كان الناطقُ ينطقُ عن لسانِ إبليسَ فقد عبدَ إبليس"5.

إستنتاج
تمثّل الدور الرساليّ للإمام بالأمور التالية:
أ- إثبات المرجعيّة العلميّة لأهل البيت، من خلال ما ظهر من علم الإمام على الرغم من صغر سنّه.
ب- التمهيد لفكرة المهدويّة بإثبات فكرة الإمامة المبكّرة والوعد بالظهور.
ج- تنظيم الجماعة الصالحة بالاعتماد على الوكلاء.


الإمام في المدينة

انتقل الإمام‏ عليه السلام من بغداد إلى المدينة، رغم تحفّظات المأمون، ليعيش بعيداً عن مراقبة السلطة المباشرة، ليمارس مهامّه في التوعية، والتثقيف، والإرشاد في أجواء ملائمة. فكان أصحابه يتّصلون به مباشرة، وتصل إليهم الأحكام الشرعيّة والحقوق. كما كان يدرّس، ويحاور، ويبيّن للناس، ما اشتبه عليهم من أمر دينهم، ودنياهم، حتّى تحوّل بيته إلى مدرسة، يؤمّها العلماء والفقهاء من مختلف أقطار العالم الإسلاميّ، فتخرّج منها العديد من أصحاب الفضل في حفظ الأحاديث والأحكام ونقلها لأتباعهم.

شهادته‏ عليه السلام

استمّر الإمام الجواد عليه السلام في مسيرته الإصلاحيّة، حتّى وفاة المأمون، وعندما تولّى المعتصم السلطة، وكان يمثّل قمّة الانحراف. لم تَرُقْ له نشاطات الإمام الإصلاحيّة، ما جعله يستدعيه إلى بغداد، ووضعه تحت الإقامة الجبريّة مدّة من الزمن بهدف الحدّ من نشاطه، ولكن الأمور انقلبت على المعتصم حيث شعر بالخطر يتهدّده لالتفاف الناس حول الإمام عليه السلام، وتأثّرهم به، فأوعز إلى زوجته أمّ الفضل، فدسّت له السمّ في الطعام، فقضى الإمام عليه السلام شهيداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق